المثالية المزعومة غير موجودة
المثالية المزعومة غير موجودة
و آن الأوان ليصمت المتفيهقون و يسمحوا لأصحاب العقول النّيرة بالعمل و السّعي للوصول إلى مبتغاهم.
في زمن الفواجع و الألم ، يكثر التعبير عن الآهات بالقلم !
و يتكلّم الكثيرون عن مآسي الحياة و تدهور الأوضاع و خراب البلاد و تهدّم السقوف على رؤوس أصحابها، فلم يعد في البلدان حجر فوق حجر ، أو واحد لم يلحق به ضرر !
في الكتابة متنفس للغضب المختزن ، و لا أنكر على المتحرقين إظهار تعاطفهم مع الأحداث و إنّما :
أنكر على كثير منهم بل وعلى مجتمعنا بأكمله ، المتكلم فيه أو الصامت، نكرانهم على البعض سعيهم وراء ضرورات مقومات الحياة المجتمعيّة … نعم، أقصد بذلك يا سادتي : السّياسة والمال !
ربّما تكمن أكبر مصائبنا في ابتعاد أصحاب الضّمائر عن هذين الجانبين ، ولكن في عودة إلى أصل المشكلة ، لماذا؟!!
أعلم أن للوضع السّياسي في البلاد العربية ، دورا كبيرا في إخماد أي فكرة تراودنا للتّوجه نحو هذا المجال ،
ولكن هل يعني هذا أنّه لو فتح لنا المجال ، لخضنا النّزال ؟!
كلّا !! فأصل المشاكل لا يلام به الآخرون ، بل نعود للأصل .. نعود إلى ما في النّفوس :
” إنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم ”
ففي ثقافتنا تنتشر ، ونربّى منذ الصّغر ، أنّ السّياسة أرض الفساد ، و تدافع قوى الشّر !!
تتغلغل هذه الأفكار حتى أعمق أعماقنا ، و تمشي في شرياييننا مجرى الدّم !
حتّى خلقت أجيال لا تفقه فيها كلمة و لا تعلم منها ما يجهر به و ما يسرّ !
لم يعد لأهل العقل الجرأة في التفكير للدّخول إلى اللّعبة السّياسة ، و تركت الشّعوب بذلك كرة يتدافعها أولئك بالقدم !
و كيف يجرؤون ؟! فمجرد البوح بذلك إخراج عن الملّة ونبذ وقذف بما هو فيهم و ما ليس فيهم …
و يُستشهد بالحديث .. ” طالب الولاية لا يولّى! ” – كما أذكر- و ينسون أو يتناسون طلب سيدنا يوسف عليه السّلام من عزيز مصر ، يولّيه على خزائن الأرض ” إنّي حفيظ عليم “.
الحقيقة أننّا نعيش في مجتمعات تقييدنا بسلسلة قيود … منها ما يكون باسم الدّين ، وأخرى ” هذا ما وجدنا عليه آباءنا ” … و ينتج عن ذلك ابتعاد الجموع المهولة من الشّباب عن هذا الحقل المملوء بالألغام … أو تشكيل أحزاب سرّية ، لتكون لغما بحدّ ذاتها ينفجر بمن فيها و من حواليها !
آن الأوان ليتكاتف الشبّان ,,, ويصرخوا صرخة كبرى ، تحطّم كلّ السّلاسل الصدئة و المطلية بالذّهب … و يتحررّوا من مفاهيم قد أدخلتنا في سبات عميق و تركت المجال للعديدين للعب بمصائر أمتهم !
فإمّا الدخول ، أو ترك الآخر يدخل .. بسلام !
فالمثاليّة المزعومة غير موجودة … وليصمت المتفيهقون و يفسحوا المجال لأصحاب الضّمائر اليقظة … في الوصول إلى مبتغاهم !
بقلم : رامة الخياط