مبدعون من بلدي مع الفنانة المبدعة “غيداء بريغش”
اسمي غيداء بريغش , فتاة تزهر من العمرِ 21 ربيعاً .. ترعرعتُ في مدينةٍ تعبق بالحبّ في ريفِ دمشقَ تُدعى “التَّل” .
أدرسُ حالياً التصميم الدّاخليّ ( أو هندسة الديكور بصفة أخرى ) في الأردنّ .
نعم , بالرغم من خروجي من بلدي الحبيب كرهاً , إلّا أنّه كان قَدَراً جميلاً من ناحية أخرى , أن أكتشفَ نفسي و أُطوّرها هنا في بلدي الثّاني الأردن .
في الحقيقة بدأت موهبتي الفنيّة بالظّهور في عمرٍ مبكر , لكن وبالرغمِ من إعجاب و تشجيع أهلي ومعلماتي في المدرسة , لم أكن آخذُ هذه الموهبة إلّا على أنها هواية لتفريغ ما في فؤادي من مشاعر وإيصال ما يدور في رأسي من أفكار .
فعليّاً لم أكن بالفتاة الّتي تستطيع التعبير عمّا يختلج في داخلها بالكلماتِ أو الأفعال , فكانت أوراقي وألواني خيرَ مستمعٍ وخيرَ جليس .
عمدَت لوحاتي في البداية إلى أن تأخذَ طابعاً بسيطاً غير محترفٍ بالطبع , ولعلها اتسمت بالحزن الشديد في احداها وبالأمل الكبير في أخرى . لكنها كانت دوماً تعبّر عن براءة كبيرة .
وبقيت كذلك حتّى حانت لحظة الحقيقة , لحظة تحديد مصيري المستقبلي .. تحديد الاختصاص الجامعيّ , وهنا أدين لوالديّ بالكثير من الامتنان والشكر لأنهما استطاعا أن يريا فيّ ما أم أكن أراه في نفسي , فلهما الفضل الأكبر في ولوجي عالم الفنون واختيار تخصص التصميم الداخليّ , ومذ ذلك كانت مرحلة التحوّل الكبيرة في حياتي الفنيّة , من مجرد هاويةٍ إلى مشروع فنّانة واكتشاف مصمّمة .
ومن بداية حياتي الجامعيّة وبفضل الله ثمّ دكاترتي الذين لن أجد كلمات مدح وشكر وثناء تفيهم حقّهم بدعمهم لي والمواصلة معي كي أخرج تلك الفنانة المختبئة بخجلٍ في ثنايا ذاتي .بدأت تتطور موهبتي بشكل متسارع وبدأت تظهر بصمتي الخاصة عليها ..
حسناً , قبل أن أحددّ أيّ اللوحات أقرب إلى قلبي , أودُّ أن أخبركم أنّ كل لوحة أرسمها تعدّ بمثابة طفل أنجبته من رحم خيالي ..فكلها تعني لي الكثير , لكن .. خيال .؟؟ نعم , ستجد أن معظم بل أكثر لوحاتي هي من وحي اللاواقع وهذا ما أحبّه حقاً وما أشعر أنه يميز أعمالي .
إنّي أُفضّلُ أن أغوص مع لوحتي وألواني في عالمٍ روحيًّ خاص بنا , على أن أنقل من الواقع .. هو مجرد شعورٍ ورأيٍ خاص .
وبهذا أعرّفكم بلوحتي التي رسمتها مؤخراً والتي أحبها حقاً لأنها عاشت في خيالي أولاً وعبثت برأسي بجنون حتّى خرجت للواقع , أجدُ أنها تحملُ معانٍ ومشاعر كثيرةً خفيّة .. لا طريقةَ لوصفها ..
وبما أنني صرت جزءاً من عالم الفنون , فأظنّ أنني بدأت فعلياً بترك بصمات لي ولو كانت على مستوى محيطي الاجتماعيّ البسيط .. لكن بالتأكيد أطمح إلى العالمية يوماً ما .. بصمة ً خاصّة مميزة .. من خلال معارض فنيّة ومسابقات واجتماعات تبادل ثقافي فنيّ أسعى للمشاركة بها بإذن الله ..
فن الرسم بالنسبة لي كالمعتقدات الدينية للآخرين , لا من حيث المحتوى بل من الرغبة النابعة عن شغف في نشرها والسعي لتعريف الناس بها و تشجيعهم لاعتناقها ..لذا سيكون من دواعِ سروري مساعدة كل من يملك الرغبة والشغف لتعلم الرسم ..وسأعطي كل ما أملك من معلومات وطاقة لإفادتهم وتطوير مهاراتهم .
لكن كل هذا الحب الكامن للفن, هل يهتم الأخرون ..؟؟ لماذا الاهتمام الشحيح بالفن .؟؟
ليس هناك من إنسان يشعر لا تطاله آثار الفن الساحرة .. لكن كلُّ شخص يتأثر بلوحة مختلفة حسبَ تكونيه ونظرته ونفسيته.
الفن يلاحقنا في كل مكان , والألوان بالرغم من جهل الكثيرين بذلك لكنها ذات تأثير سيكولوجي و سوسيولوجي على البشر .. لذا أظنُّ أنّه من الحريّ بالناس منح أنفسهم حقّها للتمتع بالفنون .
إنها في النهاية مسألة ذوق وإحساس عالٍ ,وتخصيص وقت للاهتمام بالفن لا أكثر .. فلا داعٍ للإحباط من تجاهل الناس , بل ربما هناك داعٍ حقيقيّ لنشر الثقافة والوعي البصري لرفع الذوق العام الفنيّ ..
انتظروا قليلاً .. ليس هذا فحسب , هل نسينا الوطن ..؟؟ ذاك الحلم الجميل , البعيد على قربه .
الوطن ما هو إلا اندماج الأرض والشعب .
والشعب بظلِّ كل هذه الأزمات الخانقة والأحداث المؤلمة الدامية , لم يكتف الدمار بالمادة فقط إنما كان نفسياً أيضاً ,بل وكان أشد وقعاً وأكثر إمعاناً في ضرره من الماديّ.
صحيح أنّ العلاج النفسي قد يفيد لكن في حالاتٍ كثيرة وخاصة لفئة الأطفال فإنه لن يستطيع أن يحقق المراد منه لصعوبة التواصل مع الطفل كلامياً .. وهنا يأتي دور الفن بقوّة ..
أنا مهتمةٌ جداً بعالم العلاج النفسيّ بالفن .. وأكاد أجزم أنه سينقذ الكثير من الناس راشدين أو أطفالاً من الآثار الشديدة التي تركتها الحرب في نفوسهم بطريقة ذكية وجذابة وعمليّة .
وبما أنني عقدت العزم بالاهتمام بهذا الجانب فإنني أرجو حقاً أن أقدم شيئاً ولو كان بسيطاً لإفادة أهل بلدي من خلال الفن..وبالتالي إفادة وطني ..
ولأنني خضت تجربة مميزة وعرفت أهميّة الموهبة من خلالها , فإني أقول أن الموهبة هي النفحة التي تميزك عن غيرك , هي البصمة التي لا تتكرر مرتين , أيضاً إنها النعمة التي وهبك إيّاها الله لحكمةٍ منه بأنك تستحقها وتحتاجها ..
لذا رجائي ومناشدتي لكل الشباب والشابات أن لا تستهينوا بمواهبكم , اكتشفوها ثم اعملوا على تطويرها وجعلوها أسلوب حياتكم .
ولو أتيحت لكم الفرصة فاجعلوها جزءاً من مهنتكم أو لمسة مميزة على حياتكم .
أعطوا مواهبكم حقّ قدرها , من الوقت والاهتمام والممارسة .
والآن لا يسعني إلّا أن أعيد وأكرر في البداية شكري وحمدي لله على أن أنعم عليّ بهذه الموهبة ويسّر لي طريقاً لتطويرها وجعلها جزءاً من كياني وذاتي وأن أخدم بها نفسي ومجتمعي وديني .
ثمّ أقدّم امتناني الحار وكلماتي الهزيلة أمام فضل كلٍّ من والديّ , ومدرسيّ و ودكاترتي الأفاضل وكل من شجعني ودعمني وما يزال للوصول إلى أحلامي والمثابرة عليها .
وأشكر المنتدى الفكري السوري على اهتمامه بالشباب السوريّ ومواهبهم ..
في النهاية أؤكد على أن الفن أسلوب حياة ورؤية ووحي خيال .
ومن خلال لوحاتي أحاول أن أوصل رسالة سامية بأن داخل كل إنسان شخص أفضل , أمل أجمل , حلم أرقى , ذكريات ومشاعر تستحق أن لا تظل طيّ الكتمان .
ومهما كان الواقع مرّاً فإننا نملك مفاتيح السعادة بأيدينا وسنمضي قُدُماً لعالمٍ أفضل .
رسالتي .. الحب ثمّ الحب ثمّ الحب والسلام ..
كلمات عذبة كعذوبة الرسومات..
فخور إلى ما لا نهايه بحفيدتي غيداء. أريدها في إيطاليا للتعريف بفنها و إبداعاتها
رسومات وكلمات رائعة بوركت…
الفنانة المبدعة غيداء هي زهرة من زهرات دمشق اليانعات اللواتي ينشرن عبيرهن وعطرإبداعهن ….تلك الأنامل المبدعة التي تسعى للتطوردوما ….أتمنى لك دوما التوفيق والنجاح والاستمرار الحثيث في الابداع ….ونشكر جهود منتدى الفكر السوري لإتاحة الفرصة لنا للتعرف على المبدعين من بلدنا ….وإتاحة الفرصة لأولئك المبدعين لعرض إبداعاتهم ونشرها وتعريف الناس بها …..بوركت أنامل مبدعينا …وبوركت جهودهم وجهودكم في دعمهم .
ما شاء الله عنك يا غيداء مو بس فنانة ، وأديبة كمان . وفقك الله لما فيه رضاه .