مبدعون من بلدي مع الأخصائية النفسية “سناء الفروخ”
سناء الفروخ
من ريف درعا\ الحارة
عمري 34 عاماً
انقطعت عن متابعة دراستي 4 سنوات لم أشعر يوماً أن حياة المنزل هي مجالي وما ارتضيه لنفسي في هذه الحياة ، إذ لم أقتنع أن المسؤليات المنزلية هي دور حقيقي للمرأة كما هو شائع في بيئتي حيث نشأت، فبدأت بالبحث عن هدف أتابع من اجله دراستي و يدفعني لتحمل التعب في سبيله ، و كان فرع علم النفس هو الهدف المشع أمامي الذي جعلني أغير نظام حياتي كاملاً لأحصل على مقعد في جامعة دمشق ، بالفعل وفقني الله لذلك بدعم من زوجي وتشجيع لا انساه من اخوتي أنهيت الثانوية العامة في 2004 وبدأت بعدها الجامعة، خلال دراستي تعرفت على مجال لم اتوقع أنه بهذا العمق والتنوع ، فمع كل كتاب وكل مقرر كان يزداد عشقي لما أتعلم وأزداد امتناناً لله لما منحني فهو أكثر مما تمنيت ، تابعت دراستي طوال خمس سنوات لم تكن بالسهلة أبداً حيث كان علي الموازنة بين دراستي ومنزلي ؛ تخرجت في ال2010 ، وتفاجئت أن مهنة العلاج النفسي غير متاحة بشكل قانوني أو يمكن العمل بها في سوريا فتطوعت للدعم النفسي في جمعية مرضى السرطان بدرعا و بعد فترة بسيطة أدركت أن ما تعلمته على كثافته لا يمكن توظيفه على أرض الواقع دون المزيد من التدريب العملي فلا يعتبر التدريب الجامعي كاف لهذه المهنة أبداً و قبل أن أبحث عن فرص التدريب بدأت الثورة فعملت معلمة للاطفال وبدأت اجراءات التسجيل في الماجستير التي لم انهيها بسبب شدة وتسارع الاحداث …
انتقلت الى الاردن في بداية العام 2013 و بدأت العمل مع شباب مستقبل سوريا الزاهر كمتطوعة ثم كأخصائية نفسية حيث بدأت بتصميم جلسات ارشاد جماعي وفردي و أتيحت لي فرص حضور تدريبات متخصصة صقلت مهاراتي وجعلتني أكثر قدرة على التعامل مع ضحايا الصدمات النفسية
لم يكن أمراً سهلاً ابداً ولم تكن طريق معبدة بالورود بسبب تنوع وتعقد الظروف المحيطة بنا كسوريين
و بسبب شدة الحالات التي كنت أواجهها يومياً في العيادة فكان لابد من أتخصص أكثر بفنيات العلاج
توجهت بدعم و إصرار من زوجي إلى الماجستير في علم النفس الاكلينيكي بالذات وليس غيره و هو أمر كان يحتاج إلى المزيد من الجهد والتنظيم بين عملي ودراستي و أبحاثي ومنزلي لا سيما أن الجامعة بعيدة جداً عن المدينة التي أقيم و أعمل بها ، بفضل من الله تخطيت برنامجي بعد عام ونصف بتقدير امتياز و أنهيت تدريبي الجامعي وبدأت ببحث الماجستير ببرنامج علاجي عن
“فاعلية العلاج بالتعريض السردي لضحايا الصدمات النفسية من اللاجئين السوريين “
يعتبر البحث الأكاديمي الأول الذي تم تطبيقه على اللاجئين السوريين بهذه الطريق العلاجية، جذب اهتمامي واصراري هذا البحث لإمكانية تدريب أخصائيين وباحثين اجتماعيين ومرشدين على تطبيقه مع الحالات
وهذا يساعد بتعويض النقص الكبير في عدد الأخصائيين السوريين المتمرسين في علاج الصدمات النفسية
بعد عام انهيت البحث وتخرجت في شهر 6\2016
خلال هذه الفترة بدأت الاهتمام أكثر بالإدارة والأعمال التطوعية تطوعت مع أكثر من منظمة في المجال الانساني وكانت تزداد خبرتي بالتحديات على أرض الواقع و بالحاجات التي علينا كأخصائيين سوريين التركيز أكثر عليها انتسبت إلى الهيئة العامة في منظمة مستقبل سوريا الزاهر ثم عضوية مجلس الإدارة و أتمنى أن ننشأ المزيد من منظمات المجتمع المدنية المهتمة بالخدمات النفسية الاجتماعية ؛
أعمل اليوم منسق إداري ومشرف إكلينيكي مع الجمعية الطبية السورية الأمريكية الأمر الذي أتاح لي فرصة الممارسة المهنية تحت إشراف مجموعة متميزة من الأطباء والأخصائيين الإكلينيكيين و الزملاء المتميزين
و هذا أثرى خبرتي وجعلني أكثر اهتماماً بتطوير مهاراتي يوماً بعد يوم لا سيما في ظل التشجيع الذي أتيح لي بفضل الله
أرغب بالمستقبل القريب أن أتخصص أكثر ببرنامج للدكتوراة في علم النفس الإكلينيكي و أن أطور خبراتي في الإدارة وتأسيس منظمات المجتمع المدني لأستمر ببناء وتدريب فرق متخصصة في مجال العلاج النفسي بخبرة تطبيقية حقيقية و أدعو الشباب السوريين من أهل الاختصاص أو المقبلين على دراستهم الجامعية أن يتعمقوا أكثر بالتخصصات الانسانية النفسية الاجتماعية الادارية و أن يتعلموا هذه المهن بإحسان ليطبقوها بنجاح
يومياً سوريا هي دافعي عشقي و ألمي أسأل الله أن تنتهي هذه الحرب و أن تخمد هذه الجراحات
و أن نعود إليها من جديد بقلب ممتن ويد بانية وهمة عالية
أخيراً لدي شكر وامتنان عميق لوجود زوجي و أبنائي في حياتي طوال هذه السنوات لم يكونوا داعمين بل كنا ننمو معاً في كل اتجاه جديد و نناقش كل تحدي وكل خطوة ونحتمل جميعاً كل نتيجة
بارك الله بك ووفقك لما يحبه ويرضاه . نحن فخورون بك .