التعايش السلمي في سوريا المستقبل
في جلسة حوارية متميزة أعدها فريق المنتدى مع بعض الفتيات الجامعيات عن موضوع التعايش السلمي في سوريا المستقبل تم طرح العديد من الأسئلة عليهن حول هذا الموضوع الهام .
و قد أحبت إحدى الحاضرات أن تعطي ملخصاً عن هذا الحوار بطريقتها المبدعة فكانت هذه المشاركة مع د.آية الهبراوي .
ورغم تعدد الألوان إلا ان لإندماجها مشهدا بهيا يسر الانفس ويسعد الأرواح!
وعندما تختلط تذوب في تفاصيل بعضها البعض دون انسلاخ عن هويتها الاساسية فبوجودها مجتمعة،، وبوجودها فقط تتشكل تلك اللوحة الفنية !
يصعب احيانا أن نفكر في كيفية الاندماج بعد الثورات المسلحة ،، ويصعب علينا تخيل المصالحة التي تعيد الشمل أجمع تحت قبة الوطن ،، قد يجمعنا الألم وتفرقنا فكرة الانتقام .. كل الاحتمالات واردة فالجرح لازال حديث العهد لم يندمل ،، ولازالت بعض الحقيقية تائهة بين جدران القضاء.. وكثير من الحقوق على أبواب القضاء تنتظر الإنصاف!
قد يتسائل الكثير عن أشكال الحلول المستقبليه وعن الضمانات المطروحة والتعويضات القائمة وعن المصالحة المستقبليه وإعادة الإدماج تحت ظل دولة حرية وديمقراطية.. وتتعدد الآراء بين مؤيد ومعارض ولكن عندما يجد الجد ،، فنحن مجبرون على إعادة تلك اللحمة المتماسكة ،، لُحمةٌ تشمل كافة الأطراف والفئات .. وفق عقد اجتماعي جديد يرضي الفئات المختلفة من الشعب .. قد تكون بدايته الاتفاق على عدالة انتقالية تحملنا جميعا من قحط الصراع الى مطر نأمل ان يكون مطر الانتصار .. وتكون أولى بنودها الملاحقة القضائية لمجرمي الحرب وأخص بالذكر القادة منهم من كل الأطراف .
وعندما تستكمل العدالة الانتقالية بقية بنودها من جبر للضرر لكافة المتضررين .. وتقصي للحقائق المختفية المعالم تحت ركام القصف، وفي مدافن المجازر الجماعية وأقبية المعتقلات المظلمة ..
عندها نستطيع ان ندخل معا في دوائر مشتركة تتاقطع فيما بينها بأمل بمستقبل أفضل لسورية أجمل .. رغم اختلافها في الأصول والاعراق والأديان !
هنا نحتاج وعياً كبيراً عميقا متجذراً قادرٌ على تضميد الجرح فينا ،، لهدف أسمى وغاية أعلى تبدأ بالحفاظ على أرواحنا البشرية الحرة المتبقية التي نزفت دماً ثمناً للحرية !
هنا نحتاج أن نتحاور ونتواصل مع الجميع .. نحتاج أن نصل لكل فرد منهم .. نسمع منهم همومهم وآلامهم ونقدم لهم ما وجب تقديمه من دعم نفسي واجتماعي .. ونحصي احتياجاتهم ومطالبهم .. وفي هذه المرحله دور أساسي لمنظمات المجتمع المدني فهي العامل الأول المتجذر بين أطراف المجتمع والقادر على الوصول إليهم كم نحن بحاجة لعلماء النفس والاجتماع والقانونيين والمفكرين والقادة المجتمعين والقدوات الذين سيرعون هذه المرحلة بأعين ساهرة تخفف وطأة الألم وترفع منسوب الوعي ..
وكثيرا ما فكرت في دور دُورِ العبادة من مساجد وصوامع وكنائس في هذه المرحلة .. وكم ارعبتني فكرة تسييس الدين وتلبيسه مالا يليق به من ثوب واستخدامه لزرع الفتنة وتحويل العدالة الانتقالية لعدالة انتقامية !
وكم سنسعد إن رأينا مساهمات دينية فاعلة تتتبع خطى الحبيب المصطفى عليه السلام .. وهو القائد القدوة الذي جذر مفهوم العدالة الانتقالية في تاريخنا الإسلامي عندما قال لمن آذاهم من قريش في فتح مكة اذهبوا فأنتم الطلقاء !
وإن عدنا للتفاصيل خلف هذه العبارة الشهيره التي تنم عن قوة وعزة ورأفة ورحمة .. فسنرى تفاصيل العقاب للمجرمين منهم وهذا ما ينطبق على مبادئ العدالة الانتقالية في العصر الحديث.. ونرى أن قرار قيادي كهذا كم له وقع فاعل في نفوس المواطنين لمرحلة قادمة .. فما نفتقده بحق هي تلك القيادة الحكيمة .. المؤثرة والفاعلة .. وهذا ما نطمح لإعداده في هذه المرحلة .
وتبقى المرأة حلقة وصل غير منقطعه في هذا الإطار ،، فكم شهدنا من تغيرات في الدور الاجتماعي للنساء في ظل الأزمات والحروب .. وكم لعبن أدواراً مهمة من لب المجتمع (الأسرة) إلى لب الوطن والشعب (المجتمع المدني).. ففي ظل الأسرة اصبحت الأم .. أبا معيلا في ظل غيابه لمشاركته بالعمليات المسلحة او بسبب اعتقاله او استشهاده او لربما إصابته اصابة جعلته من اصحاب الاعاقات الغير قادرين على الحركة وفي اسوء الأحوال عدم قدرته على العمل في دول اللجوء!
وقد ذكرت انها الاسوء لما لها من تبعات نفسية اجتماعية خانقة قد ترفض حتى الاعتراف بالدور الإيجابي التي تحاول المرأة تغطيته!
إضافة لكونها الداعم النفسي الاجتماعي الذي لازال يناشد الحياة بالبقاء كزهرة مثمرة في نفوس الأطفال بعد هول ما شاهدته أعينهم البريئة !
وانتقلت من دائرة الأسرة الصغيرة الى دوائر مجتمعية أوسع .. عبر التطوع والعمل الهادف لتمكين المجتمع ورفع سوية الوعي وبدأت بتمكين نفسها من خلال حثها على الانخراط في التعليم والتدريب والإنتاج وأخيرا في العطاء والتأثير على أبناء جنسها والجنس الآخر !
وبناء على دورها الفاعل في هذي المرحلة الحساسة .. فكلي ثقة على أنها ستلعب أدواراً أكثر اهمية جنبا لجنب مع الرجل في المرحلة القادمة وستسخر قدراتها في التخفيف من حدة النقاش المستقبلي .. وستكون عنصرا فاعلاً في تيسير جو من الألفة بعد الفراق والنزاع .. فهي الأم والأخت والصديقة والحبيبة.. ولكن هي الآن اكثر وعيا وأشد تأثيرا !
وأما عن المستقبل .. وتلك الكلمات البعيدة القريبة.. عن التعايش السلمي او المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية اتحدث !
هي قادمة لا محالة .. ويبقى السؤال ماذا اعددنا لما بعد الصراع ؟!
هل جهزنا أنفسنا .. هل بنينا قدراتنا .. هل وقفنا على ثغرات قانونيه لنستعيد حقوقنا المسلوبة .. هل تعلمنا فن العالم الحديث وسياسته التي تحركها جمل وعبارات والفاظ منمقة ولكنها تضرب في الصميم !
هل جهزنا انفسنا لمرحلة انتقالية .. تتضمن مصالحة وطنية تحاول ان تخفف من عبئ استمرار الصراع الذي قد ينشأ عن خلافاتنا وعدم وحدتنا.. فنعود مجددا لدوامة تلتهف المزيد من دمائنا !
يقيني بأن للعدالة مجرى لا بد منه طال الزمن او قصُر .. وأن منتهانا لعدالة آلهية تحكم بين البشر ..
ولكن يقيني الآخر هو أننا محاسبون إن لم نأخذ بأسباب النصر وتحقيق العدل … وفقا للأسباب التي تناسب هذا العصر ..والتي تتثمل بالوعي والعلم والمعرفة بالحقوق وكيفية المطالبة بها بلغة سليمة تجتث الحق ولو أرهقه خداع البشر !
الحقيقة دور المرأة الأم والأخت والبنت سيكون هاما جدا ومؤثرا في المرحلة القادمة فهي الأقدر على بث روح السلام والتعايش وحقن الدماء …