اجتمع عدد من الشباب مع فريق المنتدى الفكري السوري في إدلب الخضراء ضمن جلسة حوارية لمناقشة موضوع مهم، لابدّ من التحدث عنه ومعرفة الآراء التي تتعلق به، وخاصة في ظل الحرب التي مازالت قائمة إلى هذا اليوم وهو موضوع “العنف وآثاره وكيفية الحدّ منه” وتمت مناقشة العديد من الأمور المتعلقة به وتسليط الضوء عليها…
السؤال الأول: كيف أثّر بك العنف الحاصل في البلاد؟
العنف في سوريا أثر تأثيراً بالغاً على كل فرد في سوريا برمتها، وأدى إلى التراجع إلى الخلف كثيراً على كافة الأصعدة. يجيب أحد الحضور: أنا بالنسبة لي شخصياً كفرد من أفراد سوريا فقد أثّر العنف الحاصل عل دراستي ومستقبلي أولاً، وكاد أن يودي بحياتي ثانياً، أما دراستي فقد فقدت مستقبلي فكان حلمي أن أصبح مهندساً ميكانيكياً لكن ضاع هذا الحلم بين ليلةٍ وضحاها، أما إصابتي الجسدية فقد تركت أثراً بالغاً عليي طيلة حياتي حيث بُقِيتُ في المشفى في تركيا أكثر من شهر، واحتجت لسنتين حتى أصبحت أستطيع أن أكمل احتياجاتي اليومية. فالعنف أثر بشكل كبير علينا جميعاً وفي كافة النواحي… إنّ المجريات التي حصلت في سوريا قد أثرت سلبياً علينا، فأنا ومثلي الكثير قد ترك دراسته وجامعته وتحطمت آماله التي كان يسعى بكل ما فيه من قوة لينالها، فالآلاف من الطلاب قد تركوا جامعتهم بسبب الاعتقالات التي كانوا يتعرضوا لها والمضايقات التي يشهدونها على الحواجز الأمنية للنظام… هذا على الصعيد التعليمي. كما أنّ العنف أثر على الصعيد المادي فأصبحت الحياة المعيشية صعبة جداً بسبب قلة فرص العمل والغلاء الفاحش، فأغلب الشباب تركت البلد وهاجرت إلى دولة أخرى أملاً منهم بإيجاد بعض مقومات الحياة التي فقدوها في بلدهم، والبعض الآخر من الشباب لجأوا إلى العمل بأي شيء لتأمين لقمة العيش… وعلى الصعيد النفسي فقد أثر العنف بشكل كبير جداً على الناس وخاصة الشباب، فأُصِيب باليأس والتحطم والملل….
السؤال الثاني: هل تأثّر قطاع الصحة بهذا العنف؟
نعم لقد تأثر بشكل كبير وذلك من خلال القصف واستهداف المشافي والمراكز الصحية، ومصانع الأدوية وخروجها عن الخدمة، وأيضاً هجرة الأطباء خارج البلاد للبحث عن الأمان وهرباً من العنف الحاصل، فأصبح هناك نقصاً حاداً في الكوادر الطبية والأجهزة والمستلزمات الطبية أيضاً والأدوية، وذلك انعكس سلباً على حالات الناس المتدهورة والتي تحتاج إلى مستشفيات مجهزة بأجهزة طبية حديثة وأطباء ذوي خبرة وخصوصاً عندما يكون هناك حصار حيث يؤدي إلى نقص الأدوية بأنواعها، فهناك كثير من الحالات يتم إرسالها إلى تركيا للمعالجة وهذا يدلّ على النقص والضعف في القطاع الصحي بسبب العنف الحاصل..
السؤال الثالث: ماهي الممارسات التعنيفية التي لحقت بالمرأة؟
تعرضت المرأة للكثير من التحديات خلال فترة الحرب.. ومنها: تعرض نسائنا للاعتقال والزج بهن في سجون الأسد وممارسة العنف بأنواعه من تعذيب واغتصاب وقتل وإهانة بحقهن.. وأيضاً فقدت الكثير من النساء أزواجهن بفعل الحرب مما اضطرهن للنزول للعمل أو التسول أو بيع الأدوات لتأمين لقمة العيش لأطفالهن.. فالمرأة كانت الخاسر الأكبر في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد.. وهناك أيضاً الكثير من الفتيات تركن تعليمهن لأن الكثيرات لن يستطعن الذهاب إلى الجامعات التي تحت سيطرة النظام والبقاء والغياب لفترة طويلة، فاختارت الفتاة البقاء في البيت حرصاً على نفسها في ظل الوضع الراهن.. كما انتشرت ظاهرة الزواج المبكر للفتيات في هذه المرحلة، في حين تبلغ الفتاة الخامسة عشر من عمرها فيقوم أهلها بتزويجها وخاصة الناس الذين يعيشون في المخيمات حيث تنتشر هذه الظاهرة هناك كثيراً.
السؤال الرابع: ماهي نتائج العنف على سلوك الأطفال؟
الأطفال كان لهم النصيب كبير من الأمور السلبية نتيجة ويلات الحرب، حيث أنهم حُرِموا من كل مقومات الطفولة والرفاهية المطلوبة للأطفال والحرمان من اللعب والذهاب للمدرسة وذلك أدى إلى ظهور الأمية بينهم بشكل كبير. كما أنّ العنف ظهر في سلوك الأطفال من خلال ميولهم إلى الألعاب الحربية وتفضيلها عن غيرها من الألعاب وظهور الكآبة في تصرفاتهم وغياب البسمة عن وجوههم، وميولهم إلى العيش في الشوارع نتيجة غياب التعليم ، كما أنّ الوضع الاقتصادي السيء قد اضطّرهم إلى العمل بالورشات والأعمال المختلفة غير المناسبة لأعمارهم حتى.. وذلك أدى إلى انتشار الجهل في هذا الجيل.
السؤال الخامس: كيف يمكننا الحدّ من العنف كظاهرة اجتماعية؟
يتم ذلك من خلال جلسات توعية في المراكز المخصصة، وتعريف الناس بالآثار الناجمة عن العنف وكيفية معالجتها، وأيضاً نشر الثقافة في الجيل الناشئ والحض على التعليم بمختلف مراحله وإنشاء دورات تعليمية وتدريبية مجانية التي تساهم في بناء وتجهيز جيل مثقف واعي، والذي سيحرص على بناء المجتمع وتطوره، ويتم ذلك أيضاً عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي وذلك في نشر كل ما يساعد للتخلص من العنف بجميع أشكاله، وكذلك من وسائل القضاء أو التخفيف من ظاهرة العنف قيام المثقفين والواعيين بنشر الثقافة والقيام بتوعية الناس بمخاطر العنف عن طريق جلسات التوعية الجماعية وأيضاً توزيع بروشورات ومطبوعات تخص هذا الأمر..
كانت جلسة نقاش تفاعلية وشجعت الشباب على الحوار فتحدث كل شخص عن رأيه وقدم أفكاره، مع العلم بأن الحضور من الفئة الشبابية وبعض من طلاب البكلوريا. والجميع شارك وتفاعل مع الموضوع وتم فيها لفت الانتباه إلى نواحي لم تكن تخطر لعدد منهم كثيراً وخاصة فيما يتعلق بالنساء والأطفال..